كيف تحوّل الهيكل التنظيمي لمؤسستك إلى أكثر الأدوات قيمةً في عملك؟

 بقلمِ نيك سونينبيرغ Nick Sonnenberg، مؤسس Leverage

بصفتِي استشاريّاً في مجالِ فعاليةِ الأعمالِ، عملتُ مع آلافِ الشِّركاتِ، لاحظتُ أنَّ الكثيرَ من المؤسسينَ يرونَ في رسمِ هيكلٍ تنظيميٍّ (org chart) مجرّدُ تمرينٍ مملٍّ آخر يجبُ إنهاؤهُ من قائمةِ المهامِ، ومع ذلكَ، الحقيقةُ هي أنَّ الهيكلَ التَّنظيميَّ يكونُ مفيداً بقدرِ ما تصنعهُ كذلكَ، فلديَّ فلسفةٌ تقولُ: إذا كانتْ خريطةُ تنظيمكَ تتألّفُ من أشخاصٍ وأدوارٍ فقط، فإنَّكَ تحصلُ على جزءٍ صغيرٍ من الفوائدِ، حيثُ تكمنُ القيمةُ الحقيقيةُ في التّفاصيلِ الدّقيقةِ. [1]  

الغوص في أعماق خرائط التّنظيم

يمكنُ للجميعِ تصوّرُ الهيكلِ التّنظيميِّ التّقليديِّ مربعٌ أو أكثرَ في الأعلى تتدرّجُ للأسفلِ بمزيدٍ ومزيدٍ من المربعاتِ في كلِّ مرتبةٍ، واصفةً التّسلسل الهرميَّ للشّركةِ والأشخاصِ الَّذينَ يشكّلونَ كلَّ قسمٍ.

بصفتي مالكاً لشركةٍ، يعدُّ ذلكَ مفيداً ولكنَّه ليسَ شيئاً سأشيرُ إليهِ كثيراً، فأنا أعرفُ من يوجدُ في أيّةِ وظيفةٍ، ما أودُّ رؤيتُهُ أكثرُ بكثيرٍ هو لوحةُ بياناتٍ تُظهرُ جميعَ وظائفِ عملِي.

ما هي جميعُ المبادراتِ الرّئيسيَّة التي نعملُ عليها؟ ما هي جميعُ العملياتِ المتكرّرةِ الّتي تحدثُ يوميّاً؟ من المسؤولُ عن كلِّ واحدةٍ منها؟ من يجبُ أن يتحمّلَ المسؤوليةَ عن كلِّ مكوِّنٍ؟ هذا أمرٌ إنشاؤهُ أصعبُ بكثيرٍ، وتزدادُ صعوبتُهُ مع نموِ الشَّركةِ.

الخبرُ السّارُّ هو أنَّني تمكّنتُ من إنشاءِ هذا النَّمطِ بالتَّحديدِ من لوحاتِ البياناتِ، والأمرُ أسهلُ ممّا قد تعتقدُ.

الـ GPS التّنظيميّ (محدّد المواقع): هيكلٌ تنظيميٌّ للأعمال الحديثة

لقد أنشأتُ نوعاً جديداً من الهيكلِ التّنظيميِّ، أطلقتُ عليهِ اسم "Org GPS". قمتُ بصنعهِ في Coda، وهو أداةٌ رائعةٌ يمكنُ استخدامُها لتنظيمِ وتخزينِ أيّ نوعٍ من المعلوماتِ تقريباً داخلِ مؤسستِكَ، ويمكنُ القيامُ بذلكَ في أدواتٍ أخرى -أو حتّى جدول بياناتٍ- ولكنْ معَ Coda، يمكنُكَ إنشاءُ جداولَ قابلةٍ للتَّخصيصِ بشكلٍ كبيرٍ ووظائفٍ تسمحُ ببقاءِ المعلوماتِ وتحديثِها في مجالاتٍ مختلفةٍ، وتزدادُ فائدةُ ذلكَ بشدّةٍ عندَ إضافةِ المزيدِ من المكوّناتِ إلى هيكلِكَ التّنظيميِّ.

ويمتلكُ Org GPS أربعة مكوناتٍ رئيسيّةٍ:

الأفرادُ. الأدوارُ. المبادراتُ. المسؤولياتُ.

إليكَ كيفَ يعملُ على مستوىً عالٍ، يتمُّ إسنادُ دورٍ ما (أو في بعضِ الأحيانِ أدوارٌ متعددةٌ) إلى الأفرادِ، يُسنَدُ إلى هذهِ الأدوارِ بدورها بعضُ المبادراتِ، بحيثُ يتحمّلونَ المسؤوليةَ عنها، وتحتوي كلُّ مبادرةٍ بدورها على مسؤولياتٍ، وهي الوظائفُ اليوميّةُ الصّغيرةُ المطلوبةُ لتحقيقِ المبادرةِ الأكبر. وفيما يلي مثالٌ على كيفيّةِ عملهِ فعليّاً، دعونا نلقي نظرةً على جيسيكا، رئيسة الفعالياتِ والمجتمعِ لدينا.

تمتلكُ جيسيكا ملفَّها الخاصَّ في Org GPS وقد أُسنِدَ إليها دورُ رئيسةِ الفعالياتِ والمجتمعِ، ويجبُ أن نتذكّرَ، الأدوار والأفراد هما مكوِّنانِ منفصلانِ، إنَّه فارقٌ مهمٌّ لأنَّه إذا كانتِ جيسيكا ستغادرُ أو تترقَّى، فإنَّ الدّورَ لا يذهبُ إلى أيِّ مكانٍ. سنقومُ ببساطةٍ بإلغاءِ إسنادِ هذا الدّورِ لها واستبدالِ شخصٍ آخرَ بها.

وضمنَ هذا الدّورِ، هناكَ حالياً أربعُ مبادراتٍ، هذه هي المجالاتُ الرّئيسيةُ في العملِ التي تتحمَّلُ فيها المسؤوليةَ والالتزامَ:

إدارةُ الفعاليّاتِ (تشغيلُ فعالياتِنا شخصيّاً وافتراضيّاً). إدارةُ المجتمعِ (إدارةُ مجتمعِ الكفاءةِ المجانيِّ لدينا، وهو مفتوحٌ للجميعِ). العقلُ المدبرُ (إدارةُ مجموعتي الصّغيرةِ الّتي تديرُ المشاريعَ). أكاديميةُ التّأثيرِ (إدارةُ عضويةِ مجتمعِ المتعلّمينَ الذينَ يشاركونَ في برامجِ التّدريبِ المدفوعةِ لدينا)

وضمنَ كلِّ هذهِ المبادراتِ، هناكَ العديدُ من المسؤوليّاتِ الصّغيرةِ في إدارةِ الفعاليّاتِ، على سبيلِ المثالِ، هناكَ مسؤوليّاتٌ مثل: "التّنسيقِ مع بائعي الفعاليّاتِ"، "تخطيطُ جداولَ وأنشطةِ الفعاليّةِ"، "التّنسيقُ مع مصوّرِ الفعاليةِ"، و"تنسيقُ المتحدّثينَ"، كلُّها وظائفٌ يوميّةٌ ضروريّةٌ لإنجازِ مبادرةِ إدارةِ الفعاليّاتِ.

إقرأ ايضا : الإدارة التحويلية في تحقيق الإبداع الوظيفي

وهذهِ المسؤولياتُ لا يجبُ بالضّرورةِ أن تكونَ مسنَدةً لمالكِ المبادرةِ، جيسيكا مسؤولةٌ وملتزمةٌ بمبادرةِ إدارةِ الفعاليّاتِ، ولكنّها ليستْ هي الّتي تنجزُ بالضَّرورةِ جميعَ المسؤولياتِ الفرديّةِ بنفسِها.

النّتيجةُ النِّهائيةُ هي أنَّ أيَّ شخصٍ يمكنهُ الدّخولُ إلى Coda ورؤيةُ كلِّ دورٍ في الشّركةِ، وكلِّ مبادرةٍ نعملُ عليها، وجميعِ المسؤولياتِ الصّغيرةِ الّتي تُشكِّلُ كلَّ واحدةٍ منها، ويمكنكَ أن تنظرَ إلى كلِّ شخصٍ وترى جميعَ مسؤولياتهِ في مكانٍ واحدٍ.

الارتقاءُ بالأمورِ إلى المستوى التَّالي

الآنَ كان ذلكَ وحدَهُ مفيداً للغايةِ، ولكن هناكَ ميّزةٌ إضافيّةٌ واحدةٌ ترفعُ الأمورَ إلى المستوى التّالي. وضمنَ كلِّ مسؤوليّةٍ، هناكَ خانةُ اختيارٍ تُسمّى "وضعُ علامةٍ للتّفريغِ"، لذا، دعونا نقولُ إنَّ جيسيكا تجدُ أنَّها تقضي قَدْراً غيرَ معقولٍ من الوقتِ في تبادلِ البريدِ الإلكترونيّ مع الضّيوفِ قبلَ الفعاليّاتِ. ويمنعُها ذلكَ من التّركيزِ على العملِ على مستوىً أعلى، وهي لا تستمتعُ بهِ، لذا يمكنُها وضعُ علامةٍ للتّفريغِ.

وهذا يعني أنّنا سننظرُ في إعطاءِ شخصٍ آخر في الفريقِ تلكَ المسؤولياتِ، في كثيرٍ من الحالاتِ، سنقومُ بتفريغِ العملِ الإداريِّ على مستوىً أدنى إلى مساعدٍ افتراضيٍّ، ممّا يوفِّرُ تكاليفَ لا تُصدّقُ.

إقرأ أيضا : مراجع تتحدث عن إدارة التنوع في الموارد البشرية

إذا وضعتَ علامةً للتّفريغِ على مسؤولياتٍ كافيةٍ، فإنّنا قد نقومُ حتّى بتوظيفِ شخصٍ جديدٍ لتولّي جميعِ تلكَ المسؤولياتِ، وبشكلٍ ملائمٍ، يتيحُ لنا Coda رؤيةَ جميعِ المسؤولياتِ الموسومةِ للتّفريغِ في مكانٍ واحدٍ، والذي يمكنُنا بعدَ ذلكَ تحويلهُ إلى وصفٍ وظيفيٍّ.

لقد منحني Org GPS نظرةً عاليةَ المستوى كنتُ أبحثُ عنها، ولكنّهُ أيضاً يتيحُ للشّركِة ولفريقي الاستفادةِ من فوائدَ تتعدّى الحدودَ:

يمكنُ للأفرادِ الآنَ إظهارُ وتفريغُ العملِ الذي لا يعجبهم أو الذي لا يعتبرُ استخداماً جيداً لوقتهم. يمكننا تحديدُ الثّغراتِ بسهولةٍ لاتّخاذِ قراراتِ توظيفٍ أكثرَ استراتيجيّةً. يكادُ وصفُ الوظائفِ يكتبُ بنفسهِ. يمكنُ للأشخاصِ الجددِ الوصولُ بسرعةٍ إلى مستوى السّرعةِ الاعتياديّ في العملِ، حيثُ يتمُّ سردُ جميعِ مسؤولياتهم في مكانٍ واحدٍ. لم نعدْ نفقدُ المعلوماتِ الحيويّةِ إذا غادرَ الأفرادُ، حيثُ يظلُّ كلُّ شيءٍ محفوظاً في Coda.

المرجع

صل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تنس دعمنا بالنشر والتعليقات